فصل: تفسير الآيات (1- 2):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»



.سورة القارعة:

مكية.

.تفسير الآيات (1- 7):

{الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7)}
{الْقَارِعَةُ} اسم من أسماء القيامة، لأنها تقرع القلوب بالفزع. {مَا الْقَارِعَةُ} تهويل وتعظيم. {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} هذا الفَراش: الطير الصغار البق، واحدها فراشة، أي: كالطير التي تراها تتهافت في النار، والمبثوث: المتفرق. وقال الفراء: كغوغاء الجراد، شبه الناس عند البعث بها لأن الخلق يموج بعضهم في بعض ويركب بعضهم بعضا من الهول كما قال: {كأنهم جراد منتشر} [القمر- 7]. {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} كالصوف المندوف. {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} رجحت حسناته على سيئاته. {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} مَرْضِيَّة في الجنة. قال الزجاج ذات رضا يرضاها صاحبها.

.تفسير الآيات (8- 11):

{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)}
{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} رجحت سيئاته على حسناته. {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} مسكنه النار، سمي المسكن أمًا لأن الأصل في السكون إلى الأمهات، والهاوية اسم من أسماء جهنم، وهو المهواة لا يدرك قعرها، وقال قتادة: وهي كلمة عربية تقولها العرب للرجل إذا وقع في أمر شديد، يقال: هوت أمه. وقيل: {فأمه هاوية} أراد أم رأسه منحدرة منكوسة يعني أنهم يهوون في النار على رءوسهم، وإلى هذا التأويل ذهب قتادة وأبو صالح. {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} يعني الهاوية، وأصلها: ما هي، أدخل الهاء فيها للوقف والاستراحة ثم فسرها فقال: {نَارٌ حَامِيَةٌ} أي حارة قد انتهى حرها.

.سورة التكاثر:

مكية.

.تفسير الآيات (1- 2):

{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)}
{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} شغلتكم المباهاة والمفاخرة والمكاثرة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم وما ينجيكم من سخطه. {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} حتى متم ودفنتم في المقابر.
قال قتادة: نزلت في اليهود، قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، شغلهم ذلك حتى ماتوا ضُلالا.
وقال مقاتل والكلبي: نزلت في حيين من قريش؛ بني عبد مناف بن قصي، وبني سهم بن عمرو، كان بينهم تفاخر، فتعادَّ السادة والأشراف أيهم أكثر عددًا؟ فقال بنو عبد مناف: نحن أكثر سيدًا وأعز عزيزًا وأعظم نفرًا وأكثر عددًا، وقال بنو سهم مثل ذلك، فكثرهم بنو عبد مناف، ثم قالوا: نعدّ، موتانا، حتى زاروا القبور فعدوهم، فقالوا: هذا قبر فلان وهذا قبر فلان فكثرهم بنو سهم بثلاثة أبيات لأنهم كانوا في الجاهلية أكثر عددًا، فأنزل الله هذه الآية.
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي، حدثنا عبد الرحيم بن منيب، حدثنا النضر بن شُمَيْل، عن قتادة عن مطرف بن عبد الله الشخير، عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية: {ألهاكم التكاثر}، قال: «يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك، إلا ما أكلتَ فأفنيتَ، أو لَبِسْتَ فأبليتَ، أو تصدقت فأمضيت».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَتْبَع، الميتَ ثلاثةٌ، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد، يتبعُه أهلُه ومالُه وعملُه، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله».
ثم رد الله عليهم فقال:

.تفسير الآيات (3- 6):

{كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)}
{كَلا} ليس الأمر بالتكاثر، {سَوْفَ تَعْلَمُونَ} وعيد لهم، ثم كرره تأكيدًا فقال: {ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} قال الحسن، ومقاتل: هو وعيد بعد وعيد، والمعنى: سوف تعلمون عاقبة تكاثركم وتفاخركم إذا نزل بكم الموت.
وقال الضحاك: {كلا سوف تعلمون}، يعني الكفار، {ثم كلا سوف تعلمون} يعني المؤمنين، وكان يقرأ الأولى بالياء والثانية بالتاء. {كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} أي: علمًا يقينًا، فأضاف العلم إلى اليقين كقوله: {لهو حق اليقين}، وجواب {لو} محذوف، أي: لو تعلمون علمًا يقينًا لشغلكم ما تعلمون عن التكاثر والتفاخر.
قال قتادة: كنا نتحدث أن علم اليقين أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت. {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} قرأ ابن عامر والكسائي: {لُتَروُن} بضم التاء من أريته الشيء، وقرأ الآخرون بفتح التاء، أي: ترونها بأبصاركم من بعيد.

.تفسير الآيات (7- 8):

{ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)}
{ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا} مشاهدة، {عَيْنَ الْيَقِينِ} {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قال مقاتل: يعني كفار مكة، كانوا في الدنيا في الخير والنعمة، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه، ولم يشكروا رب النعيم حيث عبدوا غيره، ثم يعذبون على ترك الشكر، هذا قول الحسن.
وعن ابن مسعود رفعه قال: {لتسئلن يومئذ عن النعيم} قال: «الأمن والصحة».
وقال قتادة: إن الله يسأل كل ذي نعمة عما أنعم عليه.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم الترابي، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، حدثنا إبراهيم بن خزيم الشاشي، حدثنا عَبْد، بن حُمَيْد، حدثنا شبابة عن عبد الله بن العلاء عن الضحاك بن عرزم الأشعري قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما يُسأل العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصحَّ جسمك؟ ونروِّك من الماء البارد».
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني، أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي، أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي، أخبرنا أبو عيسى الترمذي، أخبرنا محمد بن إسماعيل، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شيبان أبو معاوية، حدثنا عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد، فأتاه أبو بكر فقال: ما جاء بك يا أبا بكر؟ فقال: خرجت لألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنظر إلى وجهه وللتسليم عليه، فلم يلبث أن جاء عمر، فقال: ما جاء بك يا عمر؟ قال: الجوع يا رسول الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وأنا قد وجدت، بعض ذلك»، فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التَّيهَان الأنصاري، وكان رجلا كثير النخل والشاء، ولم يكن له خَدَم، فلم يجدوه، فقالوا لامرأته: أين صاحبُك؟ فقالت: انطلق ليستعذب لنا الماء، فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها ماءً فوضعها، ثم جاء يلتزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفديه بأبيه وأمه، ثم انطلق بهم إلى حديقته فبسط لهم بساطًا، ثم انطلق إلى نخلة فجاء بِقنْوٍ فوضعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفلا تنقَّيْتَ لنا من رُطَبِه وبُسْرِه»، فقال: يا رسول الله إني أردت أن تخيروا أو قال: أن تختاروا من رطبه وبسره، فأكلوا وشربوا من ذلك الماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تُسألون عنه يوم القيامة، ظل بارد، ورُطَب طيب، وماء بارد»، فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعامًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تذبحنَّ ذات دِّر»، فذبح لهم عَنَاقًا أو جَدْيًا فأتاهم بها، فأكلوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك خادم؟ قال: لا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا أتانا سبيٌ فَأْتِنَا»، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم برأسين ليس معهما ثالث، فأتاه أبو الهيثم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اختر منهما»، فقال: يا نبي الله اختْر لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، «إن المستشار مؤتمن، خذ هذا، فإني رأيته يصلي، واستوصِ به معروفًا» فانطلق به أبو الهيثم إلى امرأته فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت امرأته: ما أنت ببالغ فيه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تعتقه، قال: فهو عتيق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، «إن الله تبارك وتعالى لم يبعث نبيًا ولا خليفة إلا وله بِطَانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا ومن يوق بطانة السوء فقد وُقِي».
وروي عن ابن عباس قال: النعيم: صحة الأبدان والأسماع والأبصار، يسأل الله العبيد فيم استعملوها؟ وهو أعلم بذلك منهم، وذلك قوله: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا} [الإسراء- 36].
وقال عكرمة: عن الصحة والفراغ.
وقال سعيد بن جبير: عن الصحة والفراغ والمال.
أخبرنا الإمام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، حدثنا الحسين بن الحسن بمكة، حدثنا عبد الله بن المبارك والفضل بن موسى، قالا حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».
قال محمد بن كعب: يعني عما أنعم عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو العالية: عن الإسلام والسنن. وقال الحسين بن الفضل: تخفيف الشرائع وتيسير القرآن.

.سورة العصر:

مكية.

.تفسير الآيات (1- 3):

{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}
{وَالْعَصْرِ} قال ابن عباس: والدهر. قيل: أقسم به لأن فيه عبرة للناظر. وقيل: معناه ورب العصر، وكذلك في أمثاله. واقل ابن كيسان: أراد بالعصر الليل والنهار، يقال لهما العصران. وقال الحسن: من بعد زوال الشمس إلى غروبها. وقال قتادة: آخر ساعة من ساعات النهار. وقال مقاتل: أقسم بصلاة العصر وهي الصلاة الوسطى. {إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} أي خسران ونقصان، قيل: أراد به الكافر بدليل أنه استثنى المؤمنين، والخسران: ذهاب رأس مال الإنسان في هلاك نفسه وعمره بالمعاصي، وهما أكبر رأس ماله. {إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فإنهم ليسوا في خسر، {وَتَوَاصَوْا} أوصى بعضهم بعضا، {بِالْحَق} بالقرآن، قاله الحسن وقتادة، وقال مقاتل: بالإيمان والتوحيد. {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} على أداء الفرائض وإقامة أمر الله. وروى ابن عون عن إبراهيم قال: أراد أن الإنسان إذا عُمِّر في الدنيا وهرم، لفي نقص وتراجع إلا المؤمنين، فإنهم يكتب لهم أجورهم ومحاسن أعمالهم التي كانوا يعملونها في شبابهم وصحتهم، وهي مثل قوله: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}.

.سورة الهمزة:

مكية.

.تفسير الآية رقم (1):

{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)}
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} قال ابن عباس: هم المشّاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبراء العيب، ومعناهما واحد وهو العيَّاب.
وقال مقاتل: الهمزة: الذي يعيبك في الغيب، واللمزة: الذي يعيبك في الوجه. وقال أبو العالية والحسن بضده.
وقال سعيد بن جبير، وقتادة: الهمزة الذي يأكل لحوم الناس ويغتابهم، واللمزة: الطعان عليهم.
وقال ابن زيد: الهمزة الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، واللمزة: الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم.
وقال سفيان الثوري: ويهمز بلسانه ويلمز بعينه. ومثله قال ابن كيسان: الهمزة الذي يؤذي جليسه بسوء اللفظ واللمزة الذي يومض بعينه ويشير برأسه، ويرمز بحاجبه وهما نعتان للفاعل، نحو سُخَرة وضُحَكة: للذي يسخر ويضحك من الناس والهمزة واللمزة، ساكنة الميم، الذي يُفْعَل ذلك به.
وأصل الهمز: الكسر والعض على الشيء بالعنف.
واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية؟ قال الكلبي: نزلت في الأخنس بن شُريق بن وهب الثقفي كان يقع في الناس ويغتابهم.
وقال محمد بن إسحاق: ما زلنا نسمع أن سورة الهمزة نزلت في أمية بن خلف الجمحي.
وقال مقاتل: نزلت في الوليد بن المغيرة، كان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم من ورائه ويطعن عليه في وجهه.
وقال مجاهد: هي عامة في حق كل من هذه صفته.

.تفسير الآيات (2- 7):

{الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ (7)}
ثم وصفه فقال: {الَّذِي جَمَعَ مَالا} قرأ أبو جعفر، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: {جمع} بتشديد الميم على التكثير، وقرأ الآخرون بالتخفيف. {وَعَدَّدَهُ} أحصاه، وقال مقاتل: استعده وادخره وجعله عتادًا له، يقال: أعددت الشيء وعددته إذا أمسكته. {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} في الدنيا، يظن أنه لا يموت مع يساره. {كَلا} رَدًّا عليه أن لا يخلده ماله، {لَيُنْبَذَن} ليطرحن، {فِي الْحُطَمَةِ} في جهنم، والحطمة من أسماء النار، مثل: سَقَر، ولَظَى سميت حطمة لأنها تحطم العظام وتكسرها. {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ} أي التي يبلغ ألمها ووجعها إلى القلوب، والاطلاع والبلوغ بمعنى واحد، يحكى عن العرب: متى طلعت أرضنا؟ أي بلغت.
ومعنى الآية: أنها تأكل كل شيء منه حتى تنتهي إلى فؤادهُ قاله القرظي والكلبي.